منتدى فرجيوة للتعليم المتوسط و الثانوي
]قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 065sv9
اهلا اهلا اهلا زوارنا الكرام قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 247496
مرحبا بكم في منتداكم وبيتكم الثاني قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 6916
نتشرف بتسجيلكم معناقبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 654634 قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 654634 قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 654634
أخوانكم ادارة المنتدى قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 159863
[/
منتدى فرجيوة للتعليم المتوسط و الثانوي
]قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 065sv9
اهلا اهلا اهلا زوارنا الكرام قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 247496
مرحبا بكم في منتداكم وبيتكم الثاني قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 6916
نتشرف بتسجيلكم معناقبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 654634 قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 654634 قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 654634
أخوانكم ادارة المنتدى قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 159863
[/
منتدى فرجيوة للتعليم المتوسط و الثانوي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
القناة الثانية المصريةقناة الحياة بث مباشرقناة دريم 2 بث مباشرقناة الجزيرة مباشرالنيل الاخباريةقناة الرحمة الفضائيةقناة النيل الرياضية سبورتقناة سي بي سي بث مباشرقناة BBCناشونال جيوجرافيكقناة العربية بث مباشرالجزيرة مباشر مصرقناة الجزيرة الاخباريةالقناة الاولي المصريةقناة وصال بث مباشرأون تي في ONTV مباشرالجزيرة الرياضية بث مباشرالفضائية المصريةقناة العفاسياذاعة القران الكريم من القاهرةقناة اليوم بث مباشر
  
إحصائيات المنتدى
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

~¤¢§{( أنت الزائر رقم )}§¢¤~


المواضيع الأخيرة
» برنامج مستشاارية التربية مهم لكل ادارة مدرسية
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالجمعة مارس 06, 2020 9:27 am من طرف salama

» برنامج حساب الساعات الضائعة للاستاذ
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالسبت فبراير 15, 2020 4:51 pm من طرف salama

» قرص الرياضيات رابعة متوسط
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأحد نوفمبر 17, 2019 2:51 pm من طرف Souaad

» مواضيع مقترحة لشهادة التعليم المتوسط في العلوم
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 27, 2018 2:05 pm من طرف زهرة العلا

» جميع المواضيع المقترحة مع الاجوبة لشهادة التعليم المتوسط
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 27, 2018 1:56 pm من طرف زهرة العلا

» الوافي في العلوم الإسلامية الأولى ثانوي كتاب خارجي شامل لجميع الدروس و الملخصات...مجاناً
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالخميس أكتوبر 11, 2018 1:57 pm من طرف boualemou

»  نماذج لشهادة التعليم المتوسط من فرنسا
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 24, 2018 2:08 pm من طرف youcef123

» قرص تحضير شهادة المتوسط
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 24, 2018 2:06 pm من طرف youcef123

» المواضيع المقترحة في الرياضيات
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 24, 2018 2:04 pm من طرف youcef123

» نمادج كثيرة لشهادة التعليم المتوسط رياضيات مرفقة بالحلول
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 24, 2018 2:03 pm من طرف youcef123

» قرص النجاح في شهادة التعليم المتوسط
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 24, 2018 1:56 pm من طرف youcef123

» اختبارات الفصل الأول السنة الرابعة متوسط لمادة الرياضيات
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالإثنين سبتمبر 24, 2018 1:55 pm من طرف youcef123

» قرص اللغة الأنجليزية رابعة متوسط
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 05, 2018 5:18 am من طرف youcef123

»  أسطوانة خاصة بمادة علوم الطبيعة و الحياة السنة الرابعة متوسط
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 05, 2018 5:11 am من طرف youcef123

»  افضل طريقة للمراجعة .. لتلاميذ سنة رابعة متوسط 4am
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 05, 2018 5:01 am من طرف youcef123

» برنامج اكسل لعمل كشوف النقاط للطور المتوسط جميل جدا وسهل
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 02, 2018 7:36 pm من طرف salama

» مجموعة اختبارات للسنة الثانية متوسط (في مختلف المواد )
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأربعاء أبريل 19, 2017 2:25 am من طرف نريمان

»  العلوم الفيزيائية والتكنولوجية
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 08, 2017 4:48 am من طرف LOUNI

» اختبار الثاني اللغة العربية -السنة الثالثة
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 08, 2017 4:37 am من طرف LOUNI

» جميع كتب السنة الرابعة ابتدائي للتحميل بصيغة pdf
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالأربعاء يناير 25, 2017 5:11 am من طرف hocine2001

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى فرجيوة للتعليم المتوسط و الثانوي على موقع حفض الصفحات

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتدى فرجيوة للتعليم المتوسط و الثانوي على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
التوقيت
>

 

 قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
salama
المديرالعام
المديرالعام
salama


رقم العضوية : 1
الجنس : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Male10
مزاجي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 3ady1011
مهنتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Cook1010
دولتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Ouoooo10
نقاط : 3935
العمر : 41
تاريخ الميلاد : 05/06/1982
تاريخ التسجيل : 12/04/2011
عدد المساهمات : 1292
الموقع : https://ferdjioua-51.own0.com

قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Empty
مُساهمةموضوع: قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء   قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 10, 2011 4:43 pm


سورة
الإسراء




(سُبْحَانَ الذَي أَسْرَى بِعَبِدِهِ (1)) إنّ أمرَ
الإسراء لَيَسْتَحِقّ الحمدَ والثناء والشكر لله، وهذا يُناسِبُهُ أن
يَسْتَهِلَ الابتداءَ بالحمد، فيقول (الحمد لله الذي أسرى بعبده)، كما قال
سبحانه في مطلعِ سورة الكهف في مَعْرَضِ المِنّة (الْحَمْدُ لِلهِ
الذّي~أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ) فلمَ بدأ قصة الإسراءِ بالتسبيح
دون الحمد؟ هذا من براعةِ الاستهلالِ الذي يُناسِبُ مَقَامَ المُعْجِزَةِ
الخارِقة، مُعْجِزَةِ الاسراء، لِأنّهُ أمْرٌ خارقٌ لِلعادة، فناسبَ اَن
يبدأهُ بلفظٍ يُشِيرُ إلى كمالِ القدرة وتَنَزُّهِ اللهُ عن صفاتِ النقص.




(سُبْحَانَ الذّي أَسْرَى بِعَبِدِهِ (1)) لِمَ وصفَ
النّبي صلي الله عليه وسلم بصفةِ العبد فقال (بِعَبْدِهِ)، ولم يصفهُ
بالنبوّة كأن يقول (سبحان الذي أسري بنبيِّهِ)؟ وصف اللهُ تعالى نبيهُ صلّى
اللهُ عليهِ وسلُم بالعُبُوديةِ فقال (أَسْرَى بِعَبِدِهِ)، لأنّهُ أشرفُ
المَقَامات وأسمى المراتِبِ العَلِيَّة، ولهذا قال القاضي عِيَاض:


ومـمّـا زَادَني شَـرفا وتـِيـهـا وَكِدتُ
بِأخْمَصَي أطَؤ الثّرَيّا


دخولي تحت قولِكَ يا عِبادي وَأن صَيّرْتَ أحمدَ لي
نَبيا




(وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي
عُنُقِهِ (13)) لننظر إلى هذا التعبير الذي يرسم أمامنا صورة شاخِصة تشِفُّ
عن معناها، فقد استعار لملازمةِ الإنسانُ لِعملِهِ الذي يُجزَى بهِ
استعارَ صورة القِلادة التي تلزَمُ العُنُق ولا تكادُ تنفكُ عنهُ ، وهذا
كُلُّهُ لِيُقَرِّبَ لكَ أيّها الإنسان صورة الحسابِ دونَ نقص.




(وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا
يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ
عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)) لِنتأمّل هذا المَشْهد الذي يُفاجئُ به كلّ
الإنسانٍ يوم القيامة، حيث يُعْرضُ عليهِ سِجِلُّ أعمالهِ في كتابٍ منشور،
ووصفُ الكتابِ بالمنشور إيماءٌ إلى سرعةِ اطلاع الإنسانِ على جميعِ ما
عملَهُ، فالكتابُ قد أُحْضِرَ مفتوحًا قبل وصولِ صاحبهِ لِلمُطالَعَة.




(وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (15))
الوِزْر هو الثّقَل العظيم، وإنّما عبّر بهِ ربُّنا هنا عنِ (الإثم)
لِتَشْبِيهِ (الإثْمِ) بالحملِ الثّقيل لِمَا يَجُرُّهُ منَ التّعب
لِصاحبهِ في الآخرة، فكما إنّ الحِمْلَ يُتْعِبُ صاحبهُ ويُرهقُ كاهلهُ،
فكذلك الإثمَ فإنّهُ يَقْصمُ ظهرَ صاحبه.



[b](مَنْ كَانَ يُرِيد
الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيْهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ (18))
وقال تعالى (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَاُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَّشْكُورًا (19)) لقد عبّرَ ربُّنا
عن سعي الإنسانِ وراء الدّنيا وحرصهِ على نَيْلِها بالفعل المضارع فقال
(يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ)، بينما عبّر عن إرادةِ الآخرة بالماضي فقال (وَمَنْ
أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) في هذا إيماءٌ إلى أنّ
إرادةَ الإنسانِ العاجلة مُتكرِّرةٌ مُتجدِّدة، وأنَّ إرادة الآخرة أدنى من
إرادةِ الدّنيا ولذلك عبّرَ عنِ الآخرة بالماضي (أَرَادَ الْآخِرَة) الذي
يدُلُّ على الرّسوخِ والثّبات.
[/b]



[b](وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى
لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئك َ كَانَ سَعْيُهُمْ
مَشْكُورًا(19)) لِمَا قَيَّد ربّنا إرادةَ الآخرةِ (بالسعي)، ثم أكّدهُ
بالمصدر (سَعْيَهَا) فقال (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) مع أنّه كان يمكن أن
يقتصر على الفعلِ فيقول (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا وَهُوَ
مُؤْمِنٌ)، في ذكرِ المصدر (سَعْيَهَا) نتبيهٌ لنا على أنّ إرادةَ خيرِ
الآخرة (من غير سعي) غُــــرور، وأنّ إرادة كُلّ شئٍ لابد لِنجاحهِ منَ
السَّعي في أسبابِ حصوله، وللهِ دَرُّ عبد الله بن المبارك الذي قــال:
[/b]

[b]ترجو النّجاة ولم تَسْلُك
مَسَالِكَها إنَّ الّسَفِينةَ لا تَجْرِي عَلَى الْيـَبَسِ
[/b]



[b](لَا تَجْعَل مَعَ اللهِ إِلَهًا
آخَرَ فَتَقْعَدَ مَذْمُومًا مَخّْذُولًا (22)) القعود هو الجلوس، ومن جلس
على حجرٍ إلتصق بهِ، ومن قعد مخذولًا مذمومًا فقد إلتصق بهاتين الصفتين
ولازمهما.
[/b]



[b](إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ
الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا
تَنْهَرْهُمَا (23)) ننظر إلى هذا السِّيَاجِ المَنِيع الذي ضربهُ ربُّنا
حول حُرْمَةِ الأبوين، فقد نهانا عن النطق بـ (أُفّ)، مع أنّ النهى ليسَ
المقصودِ بهِ هذه الكلمة خاصةً، وإنما خصّ النهى بـ (أُفّ) لأنها أوجَزُ
كلمة تُوحى الأذى باللسان، ولأنها لا تدلُ على أكثر من حصولِ الضّجَرِ دونَ
شَتْمٍٍ أو ذمّ، فإن كنّا قد نًهينا عن هذا الأذى الذي لا يشْعرُ بهِ
الإنسان وهو يَتَـفَوّهُ بهِ، فما بالك بما هو أشدّ أذىً سواءٌ أكان
باللسان أم كان بالجوارح.
[/b]



[b](وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ
مِنَ الرَّحْمَةِ (24)) لننظر إلى هذا التعبير عن التواضع للوالدين، فقد
صاغه تعالى لنا في صورة تذلل الطائر عندما يعتريه خوفٌ من طائرٍ أشدِ منه،
إذ يخفضُ جَناحهُ مُتَذلِّلاً، والمؤمن يتذلَّلُ أمام والديه تذلُّل رحمةٍ
وعطفٍ مَشُوبًا بالخوف من غضبهما الذي يُغْضِبُ الله.
[/b]



[b](وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ
مَغْلُولَةًًإِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطَهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ
مَلُومًا مَحْسُورًا (29)) لننظر إلى هذه الصورة التى تأسرُ الفؤاد، فهى
صورةٌ فريدةٌ لشخصَيتَنِ متناقضتينِ تماماً، شخصيةِ البخيل وشخصية
المُسرِف، فأما البخيل فقد مثَّلتهُ الصورةُ بالذي غُلَّت يدُهُ إلى عنقهِ
وشُدَّت بالقيدِ خَشْية أن تذلّ يدُه فتنفقَ ولو درهمًا، وأما الصورة
الأُخرى فهى على نقيض هذه الصورة تماماً، فقد رسمت صورةَ المسرف و مثَّـلت
حالَهُ بيدٍ مبسوطةٍ غايةِ البسط بحيث لا تحفظُ ما يقعُ فيها.
[/b]



[b](فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا
(29)) ننظر إلى هذه الخاتمة البيّـِنة، فقد جاءت مُلائمةً لِما سبقها في
قوله (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطَهَا
كُلَّ الْبَسْطِ) فالبخيلُ ذُكِرَ أولاً فأتى جزاؤهُ أولاً فقال
(فَتَقْعُدَ مَلُومًا) لأن البخيل مَلُوم، والمُسْرِف هوَ المَحْسُور. ولكن
لِمَ وُصِفَ المُسرفُ (بالمحسور) ولم يوصف بالملوم؟ إذا رجعنا إلى معنى
(المحسور) رأينا أنه يُقالُ لِلبَعِيرِ (حسيرِ) إذا أتعبه السير فلم تبقى
لهُ قوّة، فاستُعِيرَ هذا الوَصفُ لِلمُسرِف، لِأنّهُ عندما يُضِيعُ كُلّ
مالِهِ إسرافًا إنّما يُنْهِكَ قوتَهُ ويُلْقِي بنفسَهُ إلى الرَّدَى، حيث
يَغْدُو غَيرَ قادرٍ على إقامةِ شُؤونهِ، فناسبهُ أن يُوصف (بالمحسور) الذى
لم تعدّ لهُ قوة.
[/b]



[b]ويقول تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا
أوْلًادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإيَّاكُمْ (31))
نقف أمام مثل من دقائقِ التعبير القرآني العجيبة ، ففي هذه الآية قدّمَ
ربنا سبحانه رزق الأبناء على رزق الآباء فقال (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ
وَإيَّاكُمْ)، بينما في (سورة الأنعام) آية (151) قدَّمَ رزق الآباء فقال
(نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإيَّاهُمْ)، فما السر في هذا التقديم والتأخير؟ إنّ
السّر في ذلك أن قتلَ الأولادِ هنا في (سورة الإسراء) كان خَشيَةِ وُقُوعِ
الفقرِ بِسببهم فـقـدّمَ تعالى رزق الأبناءِ على الآباءِ ، وفي (سورة
الأنعام) كان قتلُهم بسبب فقرِ الآباء فعلًا فقدّم رزقَ الآباء؛ فللهِ دِرُ
التنزيل ما أروع أسرارهُ.
[/b]



[b]ويقول تعالى (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ
خِطْئًا كَبِيرًا (31)) لِمَ قال ربنا (خِطَئًا)، ولم يقل (خَطَأًً
كبيرًا)؟ إنَّ سرَّ التعبير القرآني في الآية يَكْمُنُ في كسرِ حرف الخاء
{خِطْئًا} لأنه يدلُ على مَن أصابَ إثمًا ، والإثمُ لا يكونُ إلا عن
عَمْدٍ، وأما (الخطأ) بفتحِ حرف الخاء فهو ضِدُّ العَمْد وفعلُهُ (أخْطَأ)
واسم الفاعل فيه (مُخْطِئ)، كقوله تعالى (وليْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ
فِيْمَا أخْطَأتُمْ بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدت قُلُوبُكُمْ) في هذا بيانٌ
لهم بأنّ قتلهم للأولاد إثمٌ ليس فيه ما يُعْذرُ عليه فاعِلُهُ.
[/b]



[b](وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هّذَا
الْقُرْءَانِ لِيَذّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إلّا نُفُورَا (41)) لنتأمّل
إلى هذا التعبير (وَمَا يَزِيدَهُمْ إلَّا نُفُورًا)، لعلك تقول أين
التصويرُ والتمثيلُ في هذهِ الكلمة (نُفُورًا)؟ إنّ النفور هو هروب الدابةِ
بجزعٍٍ وخشية من الأذى، فعبّرَ ربنا عن إعراضِهم عن النورِ والذكرِ
(بالنفور) تنزيلاً لهم منزلةِ الدوابِ والأنعامِ وما ذاك إلا لِغَرابَةِ أن
يَصْدُرَ مثلُ هذا مِن البشر.
[/b]



[b](وَإن مِّن شَئٍ إلَّا يُسَبِّحُ
بِحَمْدِهِ وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ (44)) لِما نفى اللهُ
عنّا فِقهَ تسبيح الكائنات ولم ينفي عنا علمَ تسبيحهم؟ في قوله (لَا
تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) إشارةٌ إلى أن (المكسي) هو تسبيح الكائنات
قاطِبَةًً هوعلمُ دقيقٌ جدًا لا قدرةَ لنا على إدراك كُنْهِهِ مهما أُوتينا
من العلمِ والإدراك.
[/b]



[b](وَإذَا قَرَأَتَ الْقُرْءَانَ
جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الذِّينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ
حِجَابًا مَسْتُورًا (45)) لِننظرْ إلى هذا الوصف وما يُضْفِيهِ على
الموصوفِ من إيغالٍ وقوة، فقد وصف ربنا (الحجابَ المستور) بالمبالغة في
حقيقةِ جِنْسِهِ، أيّ هو حجابٌ بالغُ الغاية في حَجْبِ ما يَحْجُبُهُ، حتى
كأنهُ مستورٌ بساتِر، وكأنّهُ يقول: وجعلنا حجابًا فوق حجاب.
[/b]



[b](انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ
الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيْعُونَ سَبِيلًا (48)) نحن نعلمُ أن
المُشركين نَسَبُوا النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى السّحْر، وممَثَّلُوهُ
بالمَسْحُور، وهذا مثلٌ واحد، فلِمَ جمعَ ربنا (الأمثال) فقال (ضَرَبُوا
لَكَ الأمْثَالَ)؟ جَمَعَ ربنا (الأمْثَال) وإن كان المَحْكِييُ عنهم أنهم
مثَّلُوه بالمسحور وهو مثلٌ واحد لأنّ المقصودَ التعجيبُ من هذا المثلِ ومن
هذا الضّلال، وهل رأيتَ أعجبَ من نِسْبَةِ الحبيبِ محمد صلى الله عليه
وسلم إلى السحر !
[/b]



[b](إنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُُ
بَيْنَهُم (53)) لِمَ يُوصف عمل الشيطان (بِالنّزْغِ) ولا يوصف بالفساد؟ أن
(النَّزغ) هو الضعف السريع، فعبَّر ربنا عن إفسادِ الشيطانِ (بالنزغ)
إشارةً إلى أنّه إفسادٌ سريعُ الأثر.
[/b]



[b](وَرّبُّكَ أَعْلَمُ بِمَا فِي
السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى
بَعْضٍ وءاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55)) لِمَا خَصّ ربنا داوود عليه
السلام بالذكـر عقبِ تفضيل بعض الأنبـياء على بعض ، ولم يذكر نبيًا من أولي
العـزم لِيُناسبَ مَقامِ التفضيل؟ في ذكرهِ داوود إيماءٌ إلى أن كثيرًا من
الأحوالِ المَرْموقة في نظر الجاهلينَ وقاصري الأنظار -الأحوال التي
يَقْصُرُونها على فئة الشرفاء- هي حقيقةًً مِلْكٌ للجميع وليست حكرًا على
شرفاء القوم دون فقرائهم، وهي مراتب لا تعوق الفقراء وقليلي ذاتَ اليَد من
الصعودِ في مَدَارِجِ كمالِها، وأنّ النبوّةَ والرسالة لا تنشأُ عن عظمةٍ
سابقة، فها هوَ داوودُ عليه السلام كان راعِيًا من رُعاةِ الغنم في بني
إسرائيل فصيَّرَهُ اللهُ مَلِكًا رسولًا، فيه مِثالٌ للنبي الذي تَجْلَّي
فيه اصطِفاءُ اللهِ تعالى لِمن لا يكن ذا عظمةٌ وسِيَادة.
[/b]



[b](وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ
بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ
النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ
إِلَّا تَخْوِيفًا (59)) انظر إلى هذا الإعجاز والتحدي في الأسلوب القرآني.
فقد خصّ ربنا بالذكر عذاب ثمود دون غيرهم وذلك لأن ثمود ,وآيتها قد اشتهرت
بين العرب. ولأن آثار هلاكهم في بلاد العرب قريبة من أهل مكة يُبصرها
صادرهم وورادهم في رحلاتهم بين مكة والشام. وما من شك بأن آثار العذاب
تُرجف القلوب لأنها شواهد صادقة على ما حلّ بالأمم التي عاندت. خلافاً
للعذاب الذي استأصل أمماً لم تر العين آثاره. فإنه لا يزرع الخوف كما يزرعه
الأثر ولذلك دلّل على بطشه بذكر ثمود.
[/b]



[b](قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي
كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62)) الاحتناك هو وضع
الراكب اللجام في حنك الفرس ليركبه ويسيره. فلِمَ قال ربنا على لسان
الشيطان (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ) إذن؟ والذرية هي نسل آدم؟ هذا
تمثيل وتنبيه لكل مؤمن بأن الشيطان يتخذ الفاسق كدابّة تُساق إليه. فهو
يُغوي ابن آدم ويسيّره كما يسيّر الراكب الفرس وفق رغبته وما يريد. فلتحذر
أيها المؤمن أن تكون مُساقاً لأهواء الشيطان.
[/b]



[b](وَكَانَ الْإنْسَانُ كَفُورًا (67))
لننظر إلى هذا الوصف لِنَفْسِيَة الإنسان فهو كَفُورٌ لِنِعَمِ الله، فلمَ
قال اللهُ (كَفُورًا) ولم يقل (جاحِدًا)؟ خصّ ربنا الإنسانَ بـ
(الْكَفُور) دون (الكافر) للمبالغة في كُفْرِهِ بِنِعَمِ اللهِ، وقال
(كَفُورًا) دون (جاحدًا) لأنّ الإنسانَ يعلمُ نِعَمَ اللهِ ولكنّهُ
يَسْتُرُهَا، يُنكِرُها ويَنسِبَها لِنفسِهِ، فناسبَ الكُفر الذي هو
السِّتر، وناسَبتِ المُبالغةُ في كُفْرانِ النِّعم لِأنّ إعرَاضَهُ عن
الشُّكرِ يتكرَّرُ في كل موقف سواءٌ أكان ضلالًا أم كان سَهْوًا أو كان
غَفْلَةً لِإسنادِ النّعم إلى أسبابها لا إلى مُسبِّبِها.
[/b]



[b](عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ
مَقَامًا مَحْمُودًا (79)) المقام هو مَحِلُّ القِيام، ولا شك أن المقام هو
منزلةٌٌ عظيمة سَيَنالُها الحبيبُ محمد صلّى اللهُ عليه وسَلَّم، فلِمَ
عبَّر عنها ربنا بالمقام؟ عبّر عن المنزلة بـ (المقام ) لما في هذا اللفظ
من التعظيمِ لمنزلة محمد صلّى اللهُ عليه وسلّم، فمكانُ القيامِ هو مكانٌ
معدودٌ لِأمرٍ عظيمٍ لأن من شأنِه أن يقومَ الناسُ فيهِ ولا يجلِسوا،
ومقامُ النّبي صلّى اللهُ عليه وسلّم عظيم يستحِقُّ أن يقومَ الناسُ لأجلهِ
ولا يقعُدُوا.
[/b]



[b](وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ
الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)) الفعلِ (كان) في هذا
الموقع هل يمكن أن يحذف فتكون الآية (إنّ البَاطِلَ زهوق)؟ إنّ الفعل (كان)
في الآية دلَّ على أن الزُّهُوقَ هو شأنُ الباطِلِ في كلِّ زمان، فما إن
تَراهُ يعلُو ويَظْهر حتى تُبْصِرَهُ قد اضمَحَلَّ وانزَوَى، فللهِ دَرُّ
البلاغةِ القرآنية!.
[/b]



[b](وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي
هَذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ (89)) إنّ التصريف في القرآن سابقٌ
نُزُولُهُ للناس، فلِمَ تقدّم الجار والمجرور (لِلنّاس) على قولِهِ (فِي
هَذَا الْقُرْءَان)؟ إنّ ذكرَ(الناسِ) في هذا المقام أهَمّ، لِأنَّ الكلام
كُلُّهُ مَسُوقٌ من أجلِ تَحدِّيهم وإقامة الحُجَّةَ عليهم، وإن كان ذكر
(القرآن) أهمَّ بالأصالة.
[/b]



[b](وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا (97)) لِمَ كان جزاؤهم
المشيَ على وُجُههم خاصّةًً؟ هذا المشىُ كان جزاءً مُناسبًا للجُرْمِ الذي
اكتسبوه، فهم رَوَّجوا الضّلالة في صورةِ الحقِّ، وَوَسَمُوا الحق
بِسِمَاتِ الضلال، فكان جزاؤهم أن حُوِّلَت وجوهُهُم أعضاءَ مَشْيٍٍ
عِوَضًا عن الأرجُل، والغايةُُ من ذاك كُلِّهِ هوَ الجمعُ بينَ التشْوِيِهِ
والتعذيبِ، لأنّ الوَجْهَ أرقُّ تَحَمَّلًا منَ الأرْجُل، فضلًا عن ما في
المشي على الوَجْهِ منَ المهانةِ لِصاحبهِ.
[/b]



[b](كُلَّمَا خَبَتْ زِدْناهُمْ
سَعِيرًا (97)) (الخَبْوُ) هو نقصُ اللهيب، وهذا فيهِ إشكال إذ كيف تخبو
نارُ جهنّم واللهُ سبحانه يقول (فَلَا يُخَفَّف عَنْهُمُ الْعَذَاب)؟ نحن
نعلم أن الكَفَرةُ هم وَقُودُ النار، فإذا أحرقتهم النار زالَ اللهبُ الذي
كانَ مُتَصَاعِدًا من أجسامهم، فلا يلبثونَ أن يُعَادوا كما كانوا
فَيَعُودُ الإلتهابُ لهم، فـ (الخبو) وزيادةِ الاشتعال يكونُ بالنسبةِ إلى
أجسادِهم لا في أصل نارِ جهنَّم، ولهذهِ النكتة سلَّطَ ربنا فعل
(زِدْنَاهُم) على ضمير المشركين للدَّلالَةِ على أنَّ ازدِيادَ السعير كان
فيهم، فكأنَّهُ قال (كلما خبت فيهم زدناهم سعيرًا) ولم يقل (زدناها
سعيرًا).
[/b]



[b](كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ
سَعِيرًا (97)) يحملُ في طَيَّاتِهِ التَّهكُّم والاستِخْفاف بعقولِ
المشركين، فقد بدأت الآية بما يُطْمِعُ أصحابَ النارِ وَيُقَلِّصُ مِن
ألَمِهِم، فقد ذكرَ ربنا خَبْوَ النار- وهو نقصُ لَهِيبِها - ولكنه قضى على
هذا الأملِ باستعمال (كُلَّمَا)، فجعل إزديادِ السعير مُقْتَرِنًا بِكُلِّ
زمانٍ من أزمِنةِ الخَبْو، فما إن يحصُلُ الطمعُ بحُصُولِ خَبْوٍٍ
لِوُرُودِ لفظ (خَبَتْ) حتى يَؤُولَ الطمعُِ إلى يأسٍٍمنهُ لِدَوَامِ سعيرِ
النارِ في كلِ الأزمان لاقْتِرَانِ ازديَادِ سَعِيرِها بكُلِّ أزْمانِ
خَبْوِها، فإن خَبَت استعرت، فأنَّى لها أن تهدَأ وتَخِفّ.
[/b]

[b](قُلْ ءَامَنُوا بِهِ أَوْ لَا
تُؤمِنُوا (107)) هذا إسلوبِ للإنتقاصِ منَ المشركين، فقد جعل ربنا
إيمانَهم وعَدَمَهُ سواءً، فهم لا قيمةَ لهم ولا يستحقُّونَ إلّا الإعراضَ
عنهم واحتقارَهم وقلَّةِ المبالاةِ بهم، ناهِيكَ عن ما هذهِ الصِّيغة من
الإيماءِ بتسليةِ النّبي صلَّى اللهُ عليه وسلّم بأن لا يكْتَرِثَ بهم
لأنهم أقلُُّ من أن يُؤْبَهُ لهم.
[/b]



[b](وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ
سُجَّدًا (107)) الإنسانُ المؤمن لا يملِكُ نفسهُ من أن يَخِرُّ بين يديِّ
اللهِ ساجِدًا على جبينهِ ولكن كيف يسجدُ للذَّقنِ؟ ذكرَ ربنا الَّذقنَ في
السّجودِ لِيَصِفَ لك الحالةَ النّفسيّةَ للمؤمن، فهو مُتَطلِّعُ للسجود
بين يَدَيِّ الله، حريصٌ عليه، ولذلك عبّرَ عن هذه الرغْبَةِ بالسجودِ على
الأذقان لِيَدُلَّـكَ على تَمْكِينِ وُجُوهَهُم كلَّها من الأرض من قوّةِ
الرّغبةِ في السجود لِمَا فيهِ منَ استحْضارِ الخُضُوعِ للهِ تعالى، وزاد
هذهِ الرغْبَةَ دِلَالةًً بِتَـعْـدِيَةِ الاسمِ بِحَرْفِ الجَرِ (اللام)
(لِلأْذْقَان) دون (على)، أي (على الأذقان) لِما فى (اللامِ) من الدِلالةِ
على مَزِيدِ التّمَكُّنِ من الشئِ الدّاخِلَ عليه.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ferdjioua-51.own0.com
salama
المديرالعام
المديرالعام
salama


رقم العضوية : 1
الجنس : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Male10
مزاجي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 3ady1011
مهنتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Cook1010
دولتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Ouoooo10
نقاط : 3935
العمر : 41
تاريخ الميلاد : 05/06/1982
تاريخ التسجيل : 12/04/2011
عدد المساهمات : 1292
الموقع : https://ferdjioua-51.own0.com

قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء   قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 10, 2011 4:46 pm

قبسات من روائع البيان - سورة النحل


سورة
النحل




(يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ
بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ (2)) الروح هو الوحي فلِمَ أَطلقَ عليه إسم
الروح؟ أُطلِق عليه اسم الروح لأن الوحي به هدى العقول وإذا وعته العقول
حلّت بها الحياة المعنوية وهي العلم. كما أن الروح إذا حلّت في الجسم حلَّت
به الحياة الحسية




(وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ
وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5)) إن الدفء الذي يتخذه الإنسان من
الحيوانات ما هو إلا منفعة من منافعها المتعددة فلم ذكر الدفء ثم عطف عليه
الأشمل والأكمل وهو المنافع؟ قدّم الدفء بالذكْر وعطف العام على الخاص وهو
المنافع على الدفء لأن أمر الدفء قلّما تستحضره الخواطر فأراد ربنا أن
ينبهنا عليه.




(وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ
وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9)) لعل سائلًا يقف أمام هذه الآية
التي وقعت بين تعداد نِعَمِ الله المادية على الإنسان ويسأل لِمَ وقعت عقب
الامتتنان بنعمة تسيير الأسفار بالرواحل والخيل وغيرها؟ أُنظر إلى هذا
البيان الإلهي لمّا ذًكِرت نعمة تيسير السبيل الموصلة إلى المقاصد
الجسمانية إرتقى إلى التذكير بسبيل الوصول إلى المقاصد الروحانية وهو سبيل
الهدى فكان تعهّد الله بهذه السبيل نعمة أعظم من تيسير المسالك الجسمانية
لأن سبيل الهدى تحصل به السعادة الأبدية.




(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ (12)) لعلك
تقرأ هذا الآية فيلفت نظرك رفع كلمة النجوم بعد المنصوبات، فلِمَ عَدَلَ
عن عطف النجوم على ما قبلها بالنصب؟ إن نكتة اختلاف الأسلوب كانت للفرق بين
التسخيرين. ألا ترى أن الأول وهو تسخير الليل والنهار والشمس والقمر واضحٌ
جليٌّ لكل بصير وعاقل؟ وأما تسخير النجوم فهو خفيٌ عن كثير من الناس
لقِلّة من يَرقُب حركات النجوم وفائدتها




[b](وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ
تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18)) تدبَّر هذه الآية، ألا
ترى أن ختامها مناسب لمبتدئها؟ فلِمَ كانت آية إبراهيم ذاتها مغايرة في
ختامها حيث قال ربنا (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا
إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم)؟ إذا رجعنا إلى آيات
سورة إبراهيم نرى أنها جاءت في سياق وعيد وتهديد، يقول الله تعالى في ذلك
الموضع (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا
وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) إبراهيم) فكان من المناسب
تسجيل ظلمهم وكفرهم بنعمة الله وأما هذه الآية فقد جاءت خطابًا للفريقين
ولذلك ذكّرهم بنعمه وبفضل عفوه ومغفرته وفي تقابل الوصفين (إِنَّ
الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) و (إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ) إشارة
إلى أن تلك النِعَم كانت سببًا لظلم الإنسان وكفره وهي سببٌ لغفران الله
ورحمته والأمر في ذلك منوطٌ بالإنسان.




(أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ
أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21)) ألا يستقيم المعنى إذا أغفلنا جملة (غَيْرُ
أَحْيَاء)؟ لأن الموت يعني أنهم غير أحياء، فلِمَ ذُكِرت هذه الجملة؟ هذه
الآية تخاطب العقل وتبيّن له سخف اعتقاده بحجرٍ لا يضرُّ ولا ينفع ولذلك
بيّن له ماهيّته فهو ميتٌ لا حِراك به ولذلك أكد هذا المعنى بقوله (غَيْرُ
أَحْيَاء) ليدل المشركين على علاقة وصف الموت بالحجارة التي يعبدونها وبأن
هذه الحجارة ليس فيها شائبة حياة.


(ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ
وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ (27))
إذا أردت أن تربط الظرف وتعلُّقه قلت (يخزيهم يوم القيامة)، فلِمَ قدّم
(يوم القيامة) على (يخزيهم)؟ في هذا التقديم لفت لنظر السامعين والقارئين
ليتنبّهوا إلى عِظَم هذا الخزي فخزي الدنيا أيام وتمضي وهو خزي جزئي أمام
أناس دون غيرهم وأما خزي الآخرة فهو على مرأى من الناس كلهم ومسمع، فضلًا
على أنه يوم الأحوال الأبدية ومن ثمّ فإن العذاب فيه مهول للسامعين.




(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ
ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ (28)) السَّلَم هو الاستسلام
فكيف يُلقي الظالمون الاستسلام؟ هذا من بديع تعبير القرآن الكريم فقد رصد
صورة مذلة الظالكين ومهانتهم ونقلها لك نقلًا محسوسًا ومشاهدًا حيث شبّه
ربنا تحليهم عن الاستكبار والإنكار بإلقاء السلاح على الأرض لأن الحالتين
تتطلبان من المرء أن يسرع إلى الاعتراف والخضوع وحالة الآخرة أشد لأنهم
يذوقون عذاب انتزاع أرواحهم.




(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ
ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن
سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28)) في هذه
الآية الكريمة يدور الحوار بين الملائكة والظالمين. والملائكة تعلم غيَّهم
وتماديهم في الضلال فلِمَ عَدَلت عن الملائكة عن قولها بلى إنا علمنا بما
كنتم تعملون إلى (بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)؟
مع أنهم كانوا يسجلون عليهم أعمالهم في الدنيا؟ أسندت الملائكة العلم إلى
الله أدبًا مع الله تعالى وإشعارًا أنهم ما علموا ذلك إلا بتعليم من الله.


(فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللّهُ وَمِنْهُم
مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ (36)) كان السياق يوحي "فمنهم من هدى
الله ومنهم من أضلّه الله" فلِمَ قال (حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) دون
أضلّه الله؟ في هذا إشارة إلى اصرار الضالين عن ضلالهم والله نهاهم عن
الموبقات لكنهم صمموا عليها فاستحقوا الضلال وفي هذا إيماء إلى أن الله يحب
لعباده الهداية ويكره لهم الضلال




(إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ
اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (37)) انظر
إلى هذا الثناء الذي يجسّده قوله تعالى (إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ).
فهو يمثل لك حرص النبي صلى الله عليه وسلم على خيرهم مع ما لقيه منهم من
الأذى الذي من شأنه أن يثير الحنق في نفس من يلحق به الأذى ولكن نفس محمد
صلى الله عليه وسلم مطهرة من كل نقص ينشأ عن الأخلاق الذميمة.




(وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن
بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً (41))
تأمل في كلمة (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) وما ترسمه من ظلال باهرة لا سيما أنها
وقعت في مقابلة الفعل (هَاجَرُواْ) فالتبوئة هي الإسكان ولكن الله عبّر بها
عنها عن الجزاء على المهاجرة بالحسنى لتقع مقابل المهاجرة وهي الخروج من
الديار وكأن الله يقول هجرتم الديار فسكنتم الحسنات.



[/b]

(الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ
يَتَوَكَّلُونَ (42)) لِمَ جاء صيغة الصبر بالماضي فقال (صَبَرُواْ) بينما
عبّر عن التوكل بالمضارع فقال (يَتَوَكَّلُونَ)؟ هذه الآية وقعت عقب آية
الهجرة وما لقيه المؤمنون من الاضطهاد الذي دفعهم لهجر ديارهم فأتى التعبير
عن الصبر بالماضي إشارة إلى أن صبرهم قد آذن بالانقضاء لانقضاء أسبابه.
وأن الله قد جعل لهم فرجًا بالهجرة الواقعة والهجرة المترقبة وهذه بشارة
لهم بينما عبّر عن التوكل بالمضارع للإشارة أنهم سيستقبلون أعمالًا جديدة
تتم لهم بالتوكل على الله.



[b][b][b](أَوْ
يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرؤُوفٌ رَّحِيمٌ (47))
كلمة (تَخَوُّفٍ) تأتي على معنيين: تخوّف بمعنى (الخوف)، أو بمعنى (النقص)
وهي لغة (لهذيل) وهي من اللغات الفصيحة التي جاء بها القرآن الكريم. وقد
رُوِي أنّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أَشْكَلَ عليه معنى (تَخَوُّفٍ) في
هذه الآية فسأل على المنبر ما تقولون فيها؟ فقال شيخ من هذيل: هذه من لغتنا
تعني النقص. قال عمر: فهل تعرف ذلك في أشعارها؟ قال: نعم، فقد قال شاعرنا:
[/b][/b][/b]

[b][b][b]تَخَوّف السيرَ
مِنها تامِكاً قَرِداً كما تَخَوّف عُودَ النّبِعِ
في السفر
[/b][/b][/b]

[b][b][b]فقال عمر: أيها
الناس عليكم بِديوَانكم، قالوا: وما دِيوانُنا؟ قال: شعر الجاهلية، فإنّ
فيهِ تفسيرَ كتابكم.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَلِلّهِ يَسْجُدُ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مِن دَآبَّةٍ وَالْمَلآئِكَةُ
وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (49)) جـلّ جلالُكَ يا ربّ! فكم في هذا
الجَمْعِ مِنَ الآية بَيْنَ أشرف المخلوقات (الملائكة) وأقـلِّها مِمَّن
يَـدُبُّ على الأرض؟! كم فيه من التعريضِ والذَّمّ بكل من خـرج عن أُطُـر
الشـرع وحَـادَ عن طريق الهُـدى، ونـزَلَ عن مـرتبة البشـر بكفره بخالقه؟!
وكم فيه من الإشادَةِ والمدح لِمن شابه حال الملائكة؟!
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَقَالَ اللّهُ لاَ
تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ
فَارْهَبُونِ (51)) نجد أنّ السّيَاقَ انتقل من الغَائب (إنّما هُوَ إلهٌ
واحِدٌ) إلى المُتكلِّم (فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ). ومن ثَمّ عَدَلَ عن
قولِهِ (فارهبون) إلى (فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ) وما ذاك إلّا لِقَصْرِ
الرَّهبة على اللهِ وحدهِ دونَ غيرهِ، ولتقرير الاعتقاد بأنَّ اللهَ
مُنَزّلَ القُرْآنَ، فتؤوبُ القلوبُ إلى بارِئها وتملأُ الرّهبة جوارحَ
النّاس.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](ثُمَّ إِذَا
مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53)) لِمَ عبّر ربُّنا تعالى
عن إصابة الإنسان بالضر (بالمس)؟ في هذا اللفظ (مسَّكُم) تصوّيرٌ دقـيقٌ
لِحَالةِ الإنسان، فما إن يُلامِـسُهُ أدنى كَرْب حـتى تراه فَـزِعاً
ضائـقَ الصّدرِ، فاستعـمالُ الفِعْـلِ (مسَّكُم) فيه إشارةٌ إلى ضِيقِ صدرِ
الإنسان بحيثُ يَجْأرُ إلى اللهِ بحصولِ أدنى شيء من الضُّرِ لهُ، وهذا لا
يُصوِّرُه لفظ (أصابكم) الذي يوحي بالمصيبة أو البلاء العظيم.
[/b][/b][/b]

[b][b][b](وَيَجْعَلُونَ
لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ (56)) لِننظُر إلى
هذا التّسْفِيهِ لِأحلام أُولئكَ المُشرِكين فقد عَبّرَ رَبُّنا عن
أصنامِهم بـاسم الموصول (ما) للزيادةِ في تعظيمِ سَخَافَةِ آرائهِم، لا
سيما وأنّ صِلَةَ (ما) هي (لا يّعْلَمُون) لِتُصَور حالَتَهُمُ المُزْرِية
حيث يَفْرِضُونَ في أموالِهم عَطاءٌ يَعطُونهُ لِأشياءَ لا يعلمونَ
حقائقها، ولِيُنَفِّرَ رَبُّنا القلوبَ منهُم وصفَ النّصيبَ بأنهُ منَ الله
فقال (مِمَّا رَزَقْنَاهُم) وذلكَ لِتَشْنِع ظُلْمِهِم عندما تركوا
المُنعِمَ الجَبّار ولم يَتَقَرّبُوا إليهِ في أموالِهم بما يُرْضِيهِ،
وإنَّما تقرّبوا إلى أشياءَ مَوْهُومَة .
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَيَجْعَلُونَ
لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ (62))
لِنَتَأمّلَ هذا الكلامَ البلِيغَ والبديعَ فقد جعل اللهُ ألسنتهم تصفُ
الكذب، وهل يَصِفُ اللسانُ الكذب؟ هذا هو الإسلوبُ الفَصِيحُ الذي لا
يُبْلَغُُ شَأوُهُ، فقد جعلَ اللهُ القَولَ كأنَهُ عَيْنُ الكَذب، فإذا
نَطَقت بِهِ ألسنتُهُم فقد صَوَّرت الكذب بِصُورَتِهِ، أَلا تَرى أنّهم
يقولون (عَيْنُها تَصِفُ السِّحْرَ) ويقصِدون أنّها سَاحِرة، (وَوَجْهُها
يَصِفُ الجَمال) ويريدون أنّه جَمِيل .
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَإِنَّ لَكُمْ فِي
الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ (66)) إنّ
الإنسانُ هو المُستفِيدُ من حليبِ الأنعام، فلم قالَ ربّنا (نُسْقِيكُم
مّمَا في بُطُونِهِ) ولم يقل (تَشرَبُونَ ممّا في بطونه)؟ استخدم ربّنا فعل
السُّقِيا المّنسُوبة إلى ذاتِهِ العّلِية (نُسْقِيكُم) لِيُظْهِرَ
مِنَّـتَهُ على عبادهِ بهذه النّعَم ولِيَدمِجَها مع العبرة والعِظة بآيةِ
خُروج اللبَنِ من ضُرُوعِ الأنعامِ
.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَأَوْحَى رَبُّكَ
إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ
وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)) نحنُ نَقولُ (اتّخذتُ في بلدةِ كذا بَيتاً لي)
ولا تقول (اتّخذتُ من بلدةِ كذا بيتاً لي) فلمَ قالَ جلَ جلالُهَ (مِنَ
الْجِبَال) ولم يقُل (في الجبال)؟ إنّ التّعبير عنِ اتّخاذِ النّحلِ
بُيوتها في الجبالِ والأشجارِ والعَرِيش أتى بـ (مِن) فقال (مِنَ
الْجِبَال) دون (في الجبال) لِأنّ النّحلَ تَبني لِنفسها بُيوتا وتُشَيّدها
بهندسةٍ دقيقةِ الصّنع، ولا تأوِي وتَرْكَنُ إلى بُيُوتٍ جاهِزَةٌ في
جُحُورِ الجِبال، ولا تَجْعَلُ بُيُتَها الأغْصانَ والأوراقَ في الأشجارِ
ولا أعوادَ العَرِيش، فناسبَ ذلكَ (مِنَ الْجِبالَ) دونَ (في الجبال)
.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](يَخْرُجُ مِن
بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ (69))
لِنتأمّلُ دقّةُ اللفظِ في القُرآن فقد نَكّرَ كلمة (شِفاء) ولم يأتِ بها
مُعرّفة، فلم يقل (فيهِ الشّفاءُ لِلنّاس) وذلكَ لِيَلْفِتَ نظرنا إلى أنّ
العسلَ فيهِ شِفاءٌ منَ الأمراضِ ولكن لا على سبيلِ العُموم لِكُلَ
الأمراضِ، فالشِفاءُ ثابتٌ في العسل في أفراد النّاس بحسبِ اختلافِ
الأمْزِجَةِ إلى الإستشفاء، فقد يشفي هذا دون ذاك، ولذلك قال (فِيهِ
شِفَاءٌ) ولم يقل (فيه الشفاء) لأنّ التعريفَ يدلُّ على العُمومِ
والتّخْصِيصِ، أما التنكيرُ في سِيَاقِ الإثبات فلا يَقْتَضِي العُموم ومِن
ثّـمّ لا يقتضي أنه شِفاءٌ من كلِّ داء
.
[/b][/b][/b]

[b][b][b](وَلِلهِ غَيبُ
السّمَوَاتِ وَالأرض وَما أمْرُ السّاعَةِ إلّا كَلَمْحِ الْبَصَر أو هُوَ
أقْرَب (77)) نجدُ أنّ كلمةِ {أمر} أُضِيفت إلى {السّاعة} معَ أنّهُ يُمكنُ
الاستغناءُ عنها فيُقال (وما الساعةُ إلاّ كلمحِ البصر) فما سببُ ذِكرِها؟
الأمرُ هوَ الشّانُ المُهم، كقولِ أبي بكرٍ- رضى اللهُ عنهُ-عنِ النّبي
صلّى الله عليه وسلّم: ما جاءَ بهِ في هذه الساعة إلاّ أمر (أي شأنٌ
وخطبٌ)، فإضافة الأمرِ إلى السّاعة كان لِإظهارِ شأنها العَظِيم ولِزرعِ
الرّهبةِ في القلوبِ من مَقْدَمِها
.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَجَعَلَ لَكُمُ
السّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأَفْئدَةَ لَعَلَّكُم تَشْكُرُونَ (78)) لِمَ
خصّ اللهُ السّمعَ والبصر بذكر خَلْـقِـهِما دونَ غيرهما من الحواس؟ اقتصرَ
اللهُ بإظهارِ مِنّـتِهِ بِخَلْـقِ هاتينِ الحاستين دون غيرهما لِأنّهما
هُمَا الأهَم، ولِأنّ بِهِما إدراكَ دلائلِ الاعتِقادِ الحقّ، ولذلكَ ذكرَ
بعدهُما {الأفئدة} لِأنّها هي مَقَرّ الإدراكِ كلِّهِ، فالعقلُ هو الذي
تَنْقُلُ إليهِ الحواسُ مُدْرَكاتِها
.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](أَلَمْ يَرَوا إلى
الطّيْرِ مُسَخّراتٍ في جَوِ السّماء (79)) لِننظُر إلى هذا الاستفهام
{ألمْ يَرَوا} كم يحمِلُ في طَيّـاتِهِ منَ التّهَـكّـمِ والإنكار على مَن
يَرَى آياتِ اللهِ في الكون ثُمّ يُصِـمُّ أُّذُنَهُ ويُعْـمي بَصَرَهُ عن
دلائلِ وجودِ الله، فكأنّ في هذا الاستفهامِ تنزيلَ رُؤيَتِهِمُ الطّير
مَنزِلَةَ مَن لا يَرى لِانعِدامِ فائدةِ الرّوية، فما فائدةُ أن يَرى
المَرْء ثُـمَّ لا يُدْرِكَ أبْعَادَ ما يَراه.
[/b][/b][/b]

[b][b][b]

[b][b][b][b][b][b](وَجَعَلَ
لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ
(81)) نرى أنّ الملابس تتخُذ لِلوِقاية من البردُ أكثرُ مِمّا تُتّخَذُ
للوقاية من الحرّ، فلِمَ خصّ اللهُ الحرّ في الأية؟ خَصّ اللهُ الحرّ دونَ
البردِ في هذهِ الآية لِاَنُهُ أكثَرُ أحوالِ المُخَاطِبين في وَقْتِ
نُزولِها
.
[/b][/b][/b][/b]

[b][b][b][/b][/b][/b]

[b][b][b][b](وَيَوْمَ
نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ
كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (84)) لِنَتأمّلَ هذا التّيْـئِيـس
لِمن تَمَرّدَ على أمرِ اللهِ، فَألسِنتُهم ملْجُومَةٌٌ عنِ الهمسِ
والنّطقِ، وهذا المشهدُ يرصُدهُ قَولهُ تعالى (ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ
لِلّذينَ كَفَرُوا) فلِمَ عطفَ إذنً قولهُ (وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)
على قولِهِ (ثُمّ لَا يُؤْذَنُ لِلّذيِنَ كَفَرُوا) مع أنّ عدمِ الاستعتاب
أخصُّ من عدمِ الاذنِ؟ في هذا العطفِ غايةٌُ هامة وهو الدِلالةُ على أنّهُ
مَيْؤسٌ من الرّضى عنهم عندَ سائرِ أهلِ المَوقِف بحيثُ يعلمون أن لا طائلَ
في استِعْتابِهِم فلذلكَ لا يُشِيرُ أحدٌ عليهم بأن يَسْـتَـعْـتِبُوا

.
[/b][/b][/b][/b]

[b][b][b][/b][/b][/b]

[b][b][b][b](وَإِذَا
رَأى الَّذِينَ أَشْرَكُواْ شُرَكَاءهُمْ قَالُواْ رَبَّنَا هَـؤُلاء
شُرَكَآؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْ مِن دُونِكَ فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ
الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ (86)) نعلمُ أنّ القَولَ لا يُلْقَى،
فلِمَ عبّرَ ربُّنا عن إنكارِ الأصنام لِـمَـا نُـسِـبَ إليهِ
بالإلْـقَـاءِ فـقال (فَألْـقَـوْا إلَيْهِمُ الْقَوْلِ)، ولَم يَقُـل
مُباشَرَةً (قالوا إنَّكُم لَكاذِبُون)؟ إنَّ دُخُول الفاءِ على الفِعل
(فَأَلْـقَوْا) أفادَ التّـعـقِيب، لِـيُـبَيّـنَ لنا سُرعةَ الأصنامِ في
المُبادَرةِ بِتَكْذِيبِ ما نُسِبَ إلَيْها، فقد أنطَقَ اللهُ الأصنام
فَكَـذَّبَت ما تَضَمَّنَهُ مَقَالُهُم مِن كَـوّْنِهُا شُرَكاءَ لله،
وإنّما اسْـتَخْـدَمَ فِعل (الإلْقَاء) دون القَوْلِ مباشرةً لِأنّ نُطْقَ
الأصنامِ غيرُ جارٍٍ على المُتَعارَفِ عليه، ولذلِكَ قال (فَألْقَوْا
إلَيْهِمُ الْقَوْل) إشارةً إلى كَوْنِ القَوْل قد أجْرَاهُ اللهُ على
أفْـوَاهِ الأصنامِ مِن دونِ أن يَكُونوا ناطِقِين
.
[/b][/b][/b][/b]
(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ
أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ (92)) لنتأمّلُ
هذا التصوير الذي يَبهَرُ العُقُول، ويُقَرّبُ الأمر المعنوي، ويجعلُكَ
تَتَلَمّسُ أجزاءه، فقد صوّرَ اللهُ حالَ الإنسانِ الذي يَحلِفُ وَيَنكُثُ
بيمينهِ بحالِ تلكَ المرأة التي كانت تَغْزِلُ منَ الغداةِ إلى الظهرِ ثمّ
تَنقُضُ ما غَزلتْهُ بعدَ فَتْلِهِ، فهذهِ المرأة كانت تُفْسِدُ ما
صَنَعَتْهُ بيدها وتُحِيلُهُ إلى فساد، وأُولئكَ الّذينَ يَنكُثُونَ
أَيمانهُم حالُهم كحالِها بل أشدُّ في نَقضِ عهدِ اللهِ والرجوعِ إلى
الفسادِ بعدَ التّلَبّسِ بالصلاحِ.[/b][/b][/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَلَوْ شَاء اللّهُ
لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن
يَشَاء وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (93)) لننظر إلى هذا
التهديدِ وَالوَعيدِ بقوله (وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
فالسؤالُ أريدَ بهِ المُحاسبة، لِأنّهُ سُؤالُ حكيمٍٍ يترتّبُ عليه الحسابُ
والجزاء لا سؤال استطلاع. والسؤالُ الذي يطرحُ نفسه: لِمَ أكَّدّ رَبُّنا
السّؤالَ بقولهِ (ولَتُسْئَلُنَّ) ولمْ يقُل (وسوفَ تُسألون) بالإخبار؟
لَمّا كانَ قولُهُ تعالى (يُضِلُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) قد
يَـغْـتَرُّ بهِ قَصِيرُ النّظر، فَيَحْسَبُ أنّ الضّالَ والمُهتَدِي سواءٌ
عندَ الله، وأنّ الضّالَ مَعْـذورٌ في ضلالهِ لِأنّهَ أثَرٌ من مَشِيئةِ
الله، عَـقَّـبَ ذلكَ بِقولهِ (ولَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
مُؤكّدًا بِتَأكِيدَين: القَسَم المُقدّر أي (واللهِ لَتُسألنّ)، ونونُ
التوكيدِ في آخرِ الفِعل ليكونَ ذلكَ رَادِعًا لَلنفسِ عن سُلُوكِ مَسلكِ
الطُّغْيانِ والضّلال.
[/b][/b][/b]

[b][b][b](وَلاَ تَتَّخِذُوا
أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا
(94)) ذلكم صورة نَقضِ الأيمان، فلنتأمّل هذا التّصوير بين حالةِ اختلالِ
الحال والتَعرُّضِ لِلضُرِ النّاتج عن ذلةِ القَدم، وحالةِ مَن نقضَ
الأيمان، فكم جَرَّ على نفسهِ من الضُّرِ والسُّقُوطِ في غَضَبِ اللهِ
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَلَا تَشْتَرُوا
بِعَهْدِ اللهَ ثَمَنًا قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
(95)) لِمَا قَيَّضَ ربُّنا سبحانه الثمنَ (بالقليلِ)، مع أنَّهُ قد
يَكونَ مالاً كثيراً أو مُلْكاً عظيماً؟ إنّ تَقْيِيض الثمنِ (بالقليل) فيه
دلالةٌ وإشارةٌ كبيرة إلى أنّ كُلَّ عِوَضٍ يُؤْخَذُ عن نَقِضِ عهدِ اللهِ
هوَ عِوَضٌ قليلٌ مَهْما عَظُم، ولو كانَ أعْظَمَ المُكْتَسَبات، لِاَنَّ
الدّينَ لا يُقَيَّضُ بِثَمَن.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](مَنْ عَمِلَ
صَالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ إُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنّهُ
حَيَاةُ طَيِّبَة (97)) ويقولُ تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإنَّ
لَهُ مَعِيشَةً ضَنْنَكاً (125) طه) ولو تأمَّلنا في حياةِ المُسْلِمِ
وحياةِ غَيرهِ لَلَمَسْنا السّعادة في حياة المُؤمِن جَلِيَّةً واضحةً،
فالمؤمن إذا ابتلىَ ببلاءٍ صبر، وَعَلِمَ أنَّ ذلكَ منَ اللهِ عزّ وجلّ
اختبارٌ يُظْهِرَ من خلالهِ صِدَقَ إيمانهِ، وإذا أنْعَمَ عليهِ شكرَ وحمدَ
الله، أمّا غيرُ المؤمن فهو لا يرْجو بعد الحياةِ الدّنيا حياة، فهوَ يسعى
في هذه الحياة لِيَتمتّع بها ويعِيش لذّاتِه فيها، فإذا اللذاتُ لا تحضُرُ
بين يديه، وإذا حَضَرَت لا تَحْصُلُ لهُ منها الّلذةُ التى كان
يتَوقُّعُها، فإذا به ييئسُ وَيقنطُ، فيَرْمي نَفْسَهُ من شاهق، ٍأو
يَحْتَسي سُمَّاُ قاتِلاً يُنْهي حياتهُ، أو يُصابُ بمرضٍ نفسيٍ أو مرضٍ
عقلي، تأمّلَ كلُّ ذلك في حياةِ الغربِ في أُوروبا، في أكثر الدّولِ حضارةً
مادية، لننظُر إلى صُوَرِ الانتحار، ولننظُر على طوابير المرضى على أبواب
العِيَادات النّفسِيّة، وبالمُقابل ترى المؤمن مُطْـمَئـناً يعيشُ حياةً
طيِّبة هى وَعْدُ اللهِ لنا في الحياةِ الدّنيا، واللهُ لا يُخْلِفَ
الميعاد .
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](فَإذَا قَرَأتَ
الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98)) إذا
كانتِ الاستعاذة والبسملة قبل أن يشرع الإنسانُ في القراءة، فكيف يطلُبُ
اللهُ مِنّا أن نستعِيذ بعد القراءة، فقال (فَإِذَا قَرَأتَ القُرْءانَ
فاسْتَعِذ باللهِ)؟ إنَّ الفِعْلَ (قَرَأتَ) مُسْتَعْمَلٌ في إرادَةِ
الفعلِ، أي (إذا أردتَ القراءة)، وذلك مثل قوله تعالى (إذا قُمْتُمْ إِلى
الضّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُم) أي (إذا أردتم القِيَام)، وفي هذا
الإسلوبِ تْأكِيدٌ على قِيَامِ المَرْءِ بالمطلُوبِ منهُ، فهوَ قارِئٌ
لِلقُرْآن لا هاجِرٌ لهُ.
[/b][/b][/b]

[b][b][b](مَن كَفَرَ بِاللهِ
مِن بَعْدِ إيْمَانِهِ إلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئنٌّ
بِالإيْمَانِ وَلَكِن مَن شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ
مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيْمٌ (106)) نعلمُ أنَّ الجملةَ الإسميةَ
تدلُّ على الثبوت، والجملةَ الفعليةَ تدلّ على التّجدد، فلمَ عبّرَ ربُّنا
عن غضبهِ بالجملة الأسمية فقال (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ الله)؟ وقال الله
(فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ) دون (فقد غضبَ اللهُ عليهم) لِما تدلُّ
عليه الجملة الإسمية من الدوام والثبات، أي غضبٌ لا مغفرةَ معهُ، وذلك
لِيُناسبَ سُوءَ صَنِيعِهم، فهم يستحقّونَ عذابًا لا رحمةَ معه، كيف لا؟
وقدِ انشَرَحت صُدُورهم لِما حَقُّهُ أن يَضِيْقَ معهُ الصدرُ وهو الكُفْرُ
باللهِ، ولذلكَ قدّم الجار والمجرور على المُبتدأ فقال (فَعَلَيْهِمْ
غَضَبٌ) دونَ (فالغضبُ عليهم) للإهتِمامِ بأمرهم، وأنَّهم يستحقُّونَ ذلك
لا غيره
.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](ذَلِكَ بِأنَّهُمُ
اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيا عَلَى الآخِرَةِ (107) لِننظر إلى هذا
التّصويرِ لِخَلَجاتِ القلبِ التى دَفَعَت أولئكَ إلى تفضيلِ الباطلِ على
الحقِّ، والظُّلمَةِ على النُّور، فهم قد استحبوا الْحَياةَ الدُّنيا على
الآخرة، ولذلك قال (اسْتَحَبُّوُا) ولم يقل (أحبُّوا) للمبالغة في محبَّتهم
للدّنيا وتقديمهم لها على الآخرة
.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَضَرَبَ اللهُ
مَثَلٌا قَرْيَةً كَانَتْ ءَامِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا
رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنُعُمِ اللهِ فَاَذَاقَهَا
اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ (112)) إنّ الإنسانَ يتذوّقُ الطعامَ
بِفِيــهِ، ولكن أنّى لهُ أن يتذوَقَ الخَوفَ أو لِباسَ الجُوع؟ فهل للجوع
لِباسٌ يُرْتَدى؟ هذا الأُسْلُوبُ فيهِ تمْثِيلٌ لِطبيعةِ الإنسان حيث
يكرهُ الخوفَ والجوعِ كما يكرَهُ تذوُّقُ الأطعِمةِ المُرّةِ البشعة، وإنما
عبّر عن إصابتهم بالخوفِ والجوع بالذّوْقِ واللباس، لأنَّ التذوّقَ فيهِ
تمَكُّنِ مِن فَمِّ ذائقِهِ، حيثُ لا يجدُ لهُ نَفْعًا، واللباسُ يُحيطُ
بالجسدِ فلا يَتْرُكُ مِنهُ ذَرَّةً إلّا وَ يُحيطُ بها، وكذلك أحاطت بهم
غَاشِيَةُ الجُوعِ والخَوفِ مِن كُلّ حَدَبٍ وصَوْبٍ، وِتمَكَّنت منهم،
واستقرَّت في إدراكِهمُ استقرارَ الطّعامِ في البطنِ.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](وَعَلَى الذِّيِنَ
هَادُوْا حَرّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ (118)) فإذا أردنا
أن نربط الجارَ والمجرور ونُعلقهما بمُتعلّقِهِما فسوف نُعِيدَ ترتيبِ
الجملة فنقول (وحرّمنا على الذّينَ هادوا) فلم تقدّمَ الجارَ والمجرور على
مُتَعَلِّقِهِ إذن؟ تقدمَ الجار والمجرور على الفعل (حَرَّمْنَا) إشارةً
إلى أنَّ ذلك حَـرُمَ عليهمُ ابتداءً، ولم يكن مُحرّمًا مِن شَرِيعةِ
إبراهيمَ عليه السلام التي كان عليها سَلــَفُهم، فهوَ إذن مُحَرّمٌ عليهِم
دُونَ غَيْرِهِم.
[/b][/b][/b]

[b][b][/b][/b]

[b][b][b](إِنَّ
إِبْرَاهَيْمَ كَانَ أُمّةً قَانِتًا لِلهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ
المُشْرِكِيْنَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121)) نتأمّل لاستعمال ِجمع القِلّة أو جمعِ الكثرة
في القرآن، ففي هذه الآية جمع (النّعمة) جمع قلة على وزنِ (أَفْعُل) فقال
(شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ)، في حينَ نراهُ في سورةِ لُقْمان قال سبحانه
(وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمِهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) فجمعها جمعَ كثرة،
ذلك إنّ نِعَمَ اللهِ لا تُحْصى فلا يُطِيقَ الإنسان شُكْرَها جَمِيعها
ولكن يشكرُ قِسْمًا منها، ولذلك لَمّا ذكرَ إبراهيمَ عليه السلام وأثنى
عليه قال (شَاكِرًا لِأنْعُمِهِ) ولم يقُل (لِنِعَمِهِ)، لأنّ شُكر
النّعَمِ ليس في مَقْدُورِ أحدٍ ، بل إنّ إحْصاءها ليس في مَقْدُورِ أحدٍ
فكيفَ بشُكْرِها؟! وأمّا آيةُ سورة لقمان فهى في مَقَامِ تَعْدَادِ نِعَمِ
اللهِ على الإنسان وإظهارِ فضلِهِ عليهِ، ولذلك ذكرها بجمعِ الكثرة فقال
(وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ).
[/b][/b][/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ferdjioua-51.own0.com
salama
المديرالعام
المديرالعام
salama


رقم العضوية : 1
الجنس : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Male10
مزاجي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 3ady1011
مهنتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Cook1010
دولتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Ouoooo10
نقاط : 3935
العمر : 41
تاريخ الميلاد : 05/06/1982
تاريخ التسجيل : 12/04/2011
عدد المساهمات : 1292
الموقع : https://ferdjioua-51.own0.com

قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء   قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 10, 2011 4:50 pm

قبسات من روائع البيان - سورة الحجر


سورة
الحجر




يقول تعالى (الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ
وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ (1)) نُلاحِظُ كيف أتى ذِكرُ الكتابِ والقرآنِ مع أنَّ
المُرادُ واحِد ، إضافةً على تقديمِ الكتابِ على القرآن ؟ ذلك لأن سياقَ
الكلامِ كَما سيأتي في الآية التي تليها (رُبَمَا يَودّ الذّينَ كفروا لو
كانوا مُسلِمين (2)) فيه خِطابٌ للكافرين وهُم مِمّن أنكَروا القرآنَ
جُملَة وتفصيلاً، لِذلِك ذُكِرَ الكِتاب لِأَنّهم طَلَبوا نُزًولَهُ في
آياتٍ كثيرةٍ كَقَولِه تعالى على لِسانِهم (لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا
الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ (157) الأنعام)، ثم عَطَفَ عليهِ
القرآنَ مِن بابِ عَطفِ الخاصِ على العامِ لِيُشِيرَ إلى أن الكتابَ
المُنزَّلَ على قَلبِ النَّبي صلّى الله عَليه وسلّم هو القرآن الكريم
وسيأتي يومٌ يَتَبَيَّنُ لهم صِدقُ ما جاءَ بِه وعِندها سَيَتَحسَّرُون
على كُفرِهم وعَدمِ إِسلامِهِم .




ويقول عَزَّ مِن قائل (وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا
الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)) فلنتأمل هذه
الغَطرَسة التي فُطِرَ عليها الكافرون فلم يقولوا (يا أيّها النّبي) أو(يا
أيّها الرّسول) ذلك لأنهم لم يعترفوا بِنُبُوّته صلّى اللهُ عليه وسلّم
ورسالته بل قالوا (يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ)
مُرِيدين التَّهكّم والسّخرِية، ثمّ أعقَبُوا ذلك بقولهم (إِنَّكَ لمَجنون)
في هذا استهزاءٌ بِقَــدَرِه ِصلّى اللُهُ عليهِ وسلّم لكنّ اللَه عزّ
وجلّ أُنـزَلَ ما فيه تسلِية لِقَـلبِ نبيّه صلّى اللهُ عليهِ وسلّم
وتعظيمٌ لِقَـَدِرِهِ ومَنزِلَتِهِ فقال (مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ
بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ
لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم).




ويقول تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)) لِنَنظُر كيف أَوْكَلَ اللهُ حِفْظَ
القرآنِ الكريمِ من التَّلاشي والزِّيادة والنّقصان والتّبديل والتَّغيير
إلى نفسهِ ولم يعْهَدْ بذلك إلى أحد لأَنّ اللَه سبحانهُ وتعالى عندما
أَوكَلَ حِفظ التّوراة والإنجيل إلى الأحبار والرُّهبان بقوله (بِمَا
اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ (44) المائدة) ضاعَ مُعظمَها ثمَّ دخل
عليها التّبديل والتَّغيير، ثمّ إنَّ حِفظَ اللهِ للقرآنِ فيه تنويهٌ إلى
عظيمِ شَأنِ القرآن وتحدٍّ للمشركين بأنّه سيبقى على مرِّ الأزمانِ لا
يأتيه البَاطِلَ مِن بَينِ يَديه ولا مِن خَلفِه .



[b]يقول تعالى (وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ
شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ (17) إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ
شِهَابٌ مُّبِينٌ (18)) لِنتأمل هذا التّصوير البلِيغ والتّعبير الموحي،
حيث قال تعالى (إِلّا مَن استَرق السّمعَ) ولَم يَقُل (إِلّا مَن استَمَعَ
أو أَنصَتَ أو أَصغَى) وذلك لِلدلالة على إِحكامِ السّماءِ مِن اطّلاعِ
الشّياطينُ على ما لَم يُرِدِ اللهُ اطِّلاعِهِم عليه، فالإستِماع والإنصات
والإصغاء يَدُلُّ على تَمَكُّنِ المُستَمِع مِن الحدِيث مع هدوءٍ
واستقرارٍ يَسمَحانِ لَه فَهمُ ما يُقال، لَكِن إِستراق السَّمع يَدُلّ على
التَّكَلُّفِ وعَدم إستِقرار حالةِ المُستمِعِ جَسَدِيّاً وَنَفسياً مِمّا
يَجعَله في تَوَتّرٍ لا يَسمَحُ بِحُسنِ الإستِماع وإِدراكِ الفَهمِ
والفائِدة.




ويقولُ تعالى (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ
وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29)) لِننظُر
كَيفَ أَسنَدَ اللهُ فِعلَ التّسوِيَة ونَفخِ الرّوحِ إِلى ذاتِهِ
سُبحانَهُ وتعالى وذلك لِتشريفِ الإنسانِ وبَيان مَنزِلَتَهِ وتَكرِيمَهِ
وتَفضِيلَهِ على سائِرِ المَخلُوقاتِ، ولِلإِعلام بِأَنّ شَرَفِ المَوجودات
بِمزاياها لَا بِمادَةِ تَركِيبها كَمَا ظَنّ إِبليسُ الرّجيمُ حِينَ
رَفَضَ السّجُودَ لِآدمَ عليه السّلام.




ويقولُ اللهُ تعالى (فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ
كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30)) نُلاحِظ كَيف أُدخِلَ تَوكيدٌ على تَوكيدٍ
ولَم يَكتَفِى بِأَحدِهِما، فَلَم يَقُل سُبحانَهُ وتعالى (فَسَجَدَ
المَلائِكَةُ كُلُّهُم) أَو (فَسَجَدَ المَلائكةُ أَجمَعون) بَل قال
(فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) وَذلك لإظهار مَدى طاعَةِ
المَلائِكَة، فالتّوكيد {كُلُّهُم} دَلَّ على اجتِمَاعٍ مكانيٍ، والتَّوكيد
{أجمعون} دَلَّ على إجتِماعٍ زمانيٍ، وبذلك تَظهَرُ طاعَةِ المَلائِكة
لِأمرِ رَبِّها عزّ وجَلَّ حَيث سَجَدُوا مُجتَمِعينَ في آنٍ وَاحدٍ لَم
يَتَخَلّف مِنهُم إِلّا إِبلِيسُ الرّجيمُ.




يقول الله عزّ وجلّ على لِسانِ إبليس الرّجيم
(قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ
وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39)) لِنَتأمَّل هذا السَّبَكَ العجيب
وهذه الزِّيادةَ الغرِيبةَ المُلفِتةَ للنّظرِ حيث قال تعالى على لسانِ
إبليس (لَأُزَيِّنَنَّ لَهُم في الأَرضِ)، فما الداعي من ذكر(الأرض) مع أن
آدم عليه السلام كانَ حديثِ عهدٍ بالخَلقِ، وقد أَمَرَ تعالى الملائكةَ
بِما فِيهم إِبليس بالسُجُودِ لَهُ قَبلَ أَن يَكُونَ هناك هُبُوطً لِآدمَ
عليه السلامَ إِلى الأرضِ؟ ذلك للدلالة على أنَّ إبليس قَد اكتَسَبَ شيئاَ
مِمّا أَرَادَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ مِن أَخبَارِ العالَمِ العُلوِي قَبلَ
عِصيَانِهِ وعِندَما عَصَى أَخرَجَهُ رَبُّنا سُبحانَهُ وتعالى مِنَ
الجَنّة فارتَبَطَت عِندَهُ الغِوَايَةِ بالنُّزُولِ إِلى الأَرضِ وهذا ما
حَصَلَ فِعلاً عِندما عَصَى آدمُ رَبَّهُ مُصغِيَاً إلى كلامِ الشَّيطان
فقالَ تعالى (وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ
فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) البقرة)




ويقول تعالى (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ
عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42))
نُلاحِظ أَنَّ كَلِمَةَ (الغَاوِينَ) لَم يُقصَدُ بِها مَن كان غَاوِيا
ًمُسبَقاً، لِأنَّهُ لَو كانَ غاوِياً بالفعلِ لَم يَكُن لِسُلطَانِ
الشَّيطَانِ عَليهِ فائدة، إنَّما قَصَدَ مَن كان عِندَهُ قَبُولٌ
لِلغِوَاية ومَن كان مُهَيَّاً لِتَسَلُّطِ الشَّيطانُ عليه




ويقولُ اللهُ عزَّ وجلّ (وَنَزَعْنَا مَا فِي
صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ
(47)) لِننظُر كَيفَ قالَ اللهُ
تباركَ وتعالى {ونَزَعنَا} ولم يقُل (أَخرَجنَا) أو (سَلَبنَا) وذلك
لِلدلالة بِأَنّ (الغِلَّ) قد استَحكَمَ في قُلُوبِهِم حتى صَارَ بحاجةٍ
إلى قُوةٍ لاستِخرَاجُه وهذا ما دَلَّ عليه الفعل (نَزَعَ) مِن تَكَلُّفِ
الجَهدِ والمَشَقّةِ
.




يقول عز من قائل على لسان الملائكة (قَالُواْ
بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ (55)) تبصّر كيف
خاطب الملائكة سيدنا إبراهيم عليه السلام منبِّهين له ألا يكون قانطًا فمن
يقنط من رحمة الله عز وجل فهو في عداد الضالين كما ذُكِر في الآية التي
بعدها وذلك لأنه لما استبعد بشارة الملائكة له بغلام حليم استبعاد
المُتعجِّب ظهر وكأن في نفسه شيء من التردد قَرُب حاله من حال اليائسين من
أمر الله سبحانه وتعالى.




ويقول تعالى على لسان الملائكة مخاطبين لوطًا
عليه السلام (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ
أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ (65)) من عادة القائد
والدليل وكبير القوم أن يسير في مقدمة القوم فلماذا أمر الله سبحانه وتعالى
نبيه لوطًا عليه السلام بالسير خلف أهله؟ ذلك ليكون حائلًا بينهم وبين
العذاب الذي سوف يحل بقومه بعد خروجه ثم إنهم أُمروا بعدم الالتفات فبما
أنه وراءهم فهذا يعني تخويفهم من الالتفات لأنه يراقبهم من خلفهم.




(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
(83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (84)) تأمل كيف قال
رب العزّة (فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) ولم يقل فما
أغنى عنهم ما كسبوا وذلك للدلالة على تجدد الكسب منهم وتكراره مما يدل على
إتقان الصنعة وشدة العناية التي أولوها لبيوتهم كما أشار في الآية السابقة
(وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82))




(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ
(86)) تدبر كيف عدل القرآن عن ذكر لفظ الجلالة صريحًا فلم يقل إن الله هو
الخلاق العليم بل قال (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ) وذلك
لإظهار مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند خالقه تبارك وتعالى ولتسلية
قلبه عليه الصلاة والسلام عند إحساسه أنه محط اهتمام وخطاب من ربه سبحانه
وتعالى فهو خالقه ومدبر أمره لعلمه بصالح شأنه وصلاح حاله.




(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ
الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)) تأمل كيف آثر ربنا الفعل
(آتيناك) على غيره من الأفعال فلم يقل أوحينا أو أنزلنا أو غير ذلك لأن
الفعل (آتيناك) فيه من الملاصقة والقرب ما يشهد بعظيم منزلته صلى الله عليه
وسلم وشرف قدره عند ربه تبارك وتعالى ولأنه أدلّ على الإكرام والمنة التي
خصّه الله بها




(وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (88))
تبصر هذه البلاغة القرآنية في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى خفض
الجناح ذلك لأن الطائر يخفض جناحه ليقترب من شيء يحبه أو عندما يريد حضن
فراخه من أيّ أذى إشعارًا بالخوف والعطف عليهم وهذا الدور الذي أسنده رب
العزة إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ليكون بمنزلة الأب الراعي والمعلِّم
الواعي الذي يربي النفوس ويهذب العقول ويحنّ على الصغير ويعطف على الكبير
مما أنتج ذلك النشأ البارّ من آله الطاهرين وصحابته الميامين والتابعين
الصالحين.
[/b]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ferdjioua-51.own0.com
salama
المديرالعام
المديرالعام
salama


رقم العضوية : 1
الجنس : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Male10
مزاجي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء 3ady1011
مهنتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Cook1010
دولتي : قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Ouoooo10
نقاط : 3935
العمر : 41
تاريخ الميلاد : 05/06/1982
تاريخ التسجيل : 12/04/2011
عدد المساهمات : 1292
الموقع : https://ferdjioua-51.own0.com

قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء Empty
مُساهمةموضوع: رد: قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء   قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 10, 2011 4:51 pm

قبسات من روائع البيان - سورة إبراهيم



سورة
ابراهيم




(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا
عَلَى الآخِرَةِ (3)) نحن نعلم أن أي زيادة في المبنى تتطلب زيادة في
المعنى. فما الذي أراده الله من الزيادة في (يَسْتَحِبُّونَ)؟ إن زيادة
السين والتاء تفيد التأكيد على حب الدنيا فهم يحبونها حبًا جمًا لكنهم لم
يكتفوا بهذا الحد بل فضلوا حبها على الآخرة وهذا ما أفاده الفعل
(يَسْتَحِبُّونَ) وهو الحب مع الإيثار لذلك عُدي بـ (على) أي يؤثرون حب
الدنيا على حب الآخرة. ولو جاء الفعل يحبون دون زيادة للزم أن يقال يحبون
الحياة الدنيا أكثر من حب الآخرة فاختصر هذا التفاضل بهذه الزيادة البسيطة.




(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ
اللّهِ عَلَيْكُمْ (6)) إذا تأملت في هذه الآية لتساءلت لِمَ قال
(اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ) ولم يقل (تذكروا نعمة الله
عليكم)؟ ذلك لأن فعل التذكير يتطلب استرجاعًا للحالة واستحضارًا لمجرياتها.
أما الفعل (اذْكُرُواْ) فيفيد هذا الاسترجاع والاستحضار مع دوام ذلك في كل
وقت وحين وتكرار التذكر لتحصل منه الموعظة والعبرة.




(يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ
أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ (6)) إن هذه التراكيب قد ورد
نظيرها في سورة البقرة وكذلك في سورة الأعراف بلفظ (يُقتِّلون) بدل
(يُذَبِّحُونَ) وفي السورتين السابقتين لم يؤت بحرف العطف فقال (يذبِّحون
أبناءكم) (يقتِّلون أبناءكم) أما هنا فقال (وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ)
وذلك لخطورته وبيان أهميته في كونه يختلف عن سوء العذاب. أما الملفت للنظر
أن جملة (وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ) لم ترد دون حرف عطف في السور الثلاث
وذلك لأنه نوع جديد يختلف عن سوء العذاب لم تألفه البشرية من قبل
فالاستحياء في أصله خير ونعمة أي جعلهن يستحين ويخجلن لكنه عندما على عطف
على ألوان من العذاب تبين أنه نمط جديد وممارسة قذرة تجعل النساء يستحيين
لما في تعذيبهن من كشف لعوراتهن وهتك لأعراضهن وغير ذلك.




(فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ (9))
تأمل هذا التصوير العجيب الذي لم يسبق مثله في كلام العرب فقال (فَرَدُّواْ
أَيْدِيَهُمْ) ولم يقل فجعلوا أو فوضعوا وذلك لأن فعل الرد أفاد التكرار
في جعل الأيدي على الأفواه فقال وضعوها على أفواههم ثم أزالوها ثم وضعوها
ثم أزالوها وهكذا. وهذه هي الحال التي أراد الله تصويرها وهي استهزاؤهم
وسخريتهم من البينات التي جاء بها الرسل فهم يضعون أيديهم على أفواههم مما
تغشاهم من الضحك والسخرية ثم يزيلونها مشيرين إلى المتحدث ثم يعيدون الكرة
مرارًا كالذي نراه من فعل بعض الناس في هذه الأيام.



[b]يقول تعالى على لسان
الرسل (وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا (12)) تأمل هذا الإيجاز
البديع فقد أقسم الرسل على أنهم سيصبرون مستقبلًا على أذى مضى فقالوا
(وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا) ولم يقولوا (ولقد صبرنا على ما
آذيتمونا). ومعنى ذلك أننا سنستمر بالصبر على أي أذى متوقع كما صبرنا في
السابق على أذى مضى وفي ذلك زيادة في تيئيس قومهم من تأثرهم بالأذى.
[/b]



[b](ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي
وَخَافَ وَعِيدِ (14)) لِمَ قال ربنا (خَافَ مَقَامِي) ولم يقل خافني؟ ذكر
ربنا خاف مقامي للمبالغة في تعلق الفعل بمفعوله ولإظهار أهميته فالمقام يدل
على مكان القيام والله لا يحده زمان أو مكان أي أنه له مطلق الوجود وبما
أن الخوف متعلق بالمقام فهذا يعني أنه أبلغ وأشد لأنه سيكون خوفًأ من الله
عز وجل في كل زمان ومكان.
[/b]



[b](مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ
عَاصِفٍ (18)) تأمل كيف شبه ربنا أعمال الكفار بالرماد ولم يشبهها بغير
ذلك؟ وذلك أن صورة الرماد معروفة لدى عرب الجزيرة ممن نزل فيهم القرآن
الكريم. ثم إن كثرة الرماد كناية عن خلق نبيل ألا وهو الكرم فيأتي كفرهم
كريح عاصف فيتشتت هذا الرماد فتذهب أعمالهم سدى دون أن ينتفعوا منها بشيء.
[/b]

[b](إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ
بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (19)) إنه خطاب عام وشامل إلى كل الناس، فلم يقل الله (إن
يشأ يذهبكم أيها المشركون، أيها الكفار) وذلك لإظهار عظيم قدرته عز وجل في
إهلاك أهل الأرض جميعًا متى ما شاء وكيفما شاء. وفي ذلك وعيد للمعاندين
والملحدين وتهديد للمؤمنين المتقاعسين في الدعوة إلى الحق الساكتين عن
الباطل والضلال لأنهم لم يتناهوا عن منكر فعله غيرهم على مسمع منهم ومرأى
لذلك أعقب بقوله (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) فلم يحدد ماهية هذا الخلق أهو
مؤمن أو كافر لأن جيل من الخلق ليسوا على درجة واحدة من الإيمان أو
الإشراك لكن إهلاك قوم والإتيان بآخرين يومئ إلى أفضلية ما اختزنها الله في
علمه.
[/b]



[b](وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا (21))
هذا أحد مشاهد القيامة ومع ذلك لم يقل تعالى (ويبرزون) أو (سيبرزون لله
جميعًا) بل قال (وَبَرَزُواْ) وذلك للتنبيه على أن هذا الفعل هو بحكم
الواقع فهو أمر مفروغ منه وسيكون فيه النقاش المرتقب بين الضعفاء
والمستكبرين لتبادل الاتهامات بشأن كفرهم وضلالهم.
[/b]



[b]يقول تعالى حاكيًا كلام إبليس
لأوليائه (إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ
فَأَخْلَفْتُكُمْ (22)) تأمل هذا الإيجاز وهذه البلاغة. فلم يقل (إن الله
وعدكم وعد الحق فوفى بعهده ووعدتكم وعد الكذب فأخلفتكم) وذلك لأن إضافة
الوعد إلى الحق فيه مبالغة وتخصيص بهذه الصفة وإشارة إلى أن هذا الوعد لا
رجعة عنه ولا نكول ما دام وعدًا حقًا، أما وعد الشيطان فلا حاجة لذكر أنه
وعد كاذب بل اكتفى بذكر نتائجه (فَأَخْلَفْتُكُمْ) ليدل على أنه وعد كذب
وضلال وفساد.
[/b]

[b](وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
سِرًّا وَعَلانِيَةً (31)) إن الله قد أجمل في هذه الآية حالات الإنفاق بين
السر والعلن والتطوع والواجب والصدقة والزكاة لكن ما الدافع لذكر السر قبل
العلانية؟ تلك حكمة ربانية يرفع الله بها منازل من ينفق في سبيله ولا تعلم
شماله ما أنفقت يمينه لما في ذلك من بعد عن خواطر الرياء واستبقاء لكرامة
المنفَق عليهم.
[/b]



[b](اللّهُ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ (32)) تأمل تلك الحكمة من هذه الافتتاحية حيث قال
تعالى (اللّهُ الَّذِي خَلَقَ) ولم يقل (ربكم الذي خلق) مع أن في ذلك
مزيدًا من التشريف لنا. ذلك لأن الأهمية تكمن في تعيين الخالق سبحانه
وتعالى وهو الله عز وجل وهو ربكم ورب غيركم ورب كل شيء ومليكه. إضافة إلى
أن المشركين مسلِّمون بأن الله خالقهم لقوله تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُم
مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (87) الزخرف) مما يعني أنهم يمكن أن
يتقبلوا ما يذكره رب العزة من خلق السموات والأرض وما تبعه من ذكر للنعم
والمنافع. ولو أنه قال ربكم الذي خلق السموات والأرض لم يكن عند المشركين
أدنى قبول به لأنهم لم يعترفوا بهذه الربوبية أصلًا.
[/b]

[b]يقول تعالى على لسان إبراهيم عليه
السلام (فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ
غَفُورٌ رَّحِيمٌ (36)) أخي المؤمن انظر إلى أدب الأنبياء مع ربهم عز وجل
فسيدنا إبراهيم عليه السلام يُصرِّحُ بأن مَنْ تَبِعَهُ مِن المؤمنين فهو
كَفِيلُه وسَيُحاجّ له عند الله سبحانه لأن إتّباع إبراهيم عليه السلام
يعني إيماناً بالله عز وجل ولذلك قال إبراهيم (فَإِنَّهُ مِنِّي) ولم يقل:
فإنه من جماعتي
[/b]



[b]ثم أتْبَعَ سيدنا إبراهيم بقوله
(وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وكان من المفترض أن يقول:
ومن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنه ليس مني .ولكن هذا من رفيع الأدب مع
الله عزً وجلُ فلم يسمح إبراهيم لنفسه أن يُطلِق حكماً في حق هؤلاء
العُصاة بل جعل أمرهم مُفَوضًا إلى الله سبحانه مُطلِقًا صفات الرحمة
والغفران أملاً في أن يكون ذلك فرصة لهدايتهم، لأن تبرؤه منهم يُمْكِن أن
يكون مَدْعاةً لاستئصالهم
[/b]



[b]يقول سبحانه وتعالى على لسان إبراهيم
أيضاً (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي
زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ (37)) نتأمل كيف أُضيف الرب إلى ضمير
الجمع هنا (ربنا) بينما أُضيف في الآيتين السابقتين إلى ضمير المفرد (رب)
وذلك لأن في هذه الآية ذِكرٌ لزوج إبراهيم وابنه اللذين أسكنهما في واد مكة
المكرمة عند بيت الله المحرم والظاهر أنه دعا بِحَضْرَتهما لذلك يكون
العدد قد صار جمعاً لذلك قال (ربنا) ولم يقل رب
[/b]



[b]ويقول إبراهيم أيضا كما في كتاب الله
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ
الْحِسَابُ (41)) نلاحظ كيف ذكر الله دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام
لوالديه مع إنه لم يثبت لهما إيمان، بل على العكس تمامًا حيث ذكر القرآن
الكريم في موضع آخرمن سورة التوبة ان أباه كان عدوًا له وما ذلك إلا
ليعلمنا أدب الدعاء لأنفسنا ثم لوالدينا اللذين كان لهما عظيم الأثر في
تربيتنا الجسدية والروحية ثم لإخواننا من المؤمنين إضافة إلى أن هذا الدعاء
كان في بداية نبوءة إبراهيم لأنه لما تبين له أنه عدوٌ لله تبرأ منه إن
إبراهيم لأواه حليم
.
[/b]



[b]يقول تعالى (لا يَرْتَدّ إليهِم
طَرْفُهُم وأفئِدَتُهم هَوَاءٌ (43)) انظر أخي المؤمن إلى هذه الصورة
العجيبة التي صَوّر بها حال المشركين من الدهشة والعَجَب ممّا شاهدوا من
أهوال يوم القيامة فعُيُونهم لا تَطرُف، وقلوبُهم خالية من إمكانية إدراك
ما حولها تكادُ تنخَلِع من أَمْكِنَتِها مِن شِدَّةِ الهَول، ولكن لِمَ قال
اللهُ سبحانهُ وتعالى (أفئدتهم هواء) فجاء بهذا التشبيه البليغ العجيب ولم
يقل (أفئدتهم خالية)؟ ذَكَرَ ذلك كَيَّلا يُتَوَهَّم خُلوها مِمَّا
تَمْتلئُ بها عادة ولِيكون ذلك دليلا ًعلى خُلوُها المادي والمعنوي مِمّا
مِن شأنه الإدراك والفهم لمواقف الهول والفزع
.
[/b]



[b]ويقول تعالى (فلا تَحسبنَّ اللهَ
مُخْلِفَ وعدِهِ رُسُلَهُ (47)) لاحظ كيف أُضِيف إسم الفاعل (مُخْلِفَ)إلى
مفعوله الثاني (وَعْدِهِ)، والأصل أن يُضاف إلى مفعوله الأول (رُسُلَهُ)،
فيُفترض أن يُقال (فلا تحسبنَّ اللهَ مُخلِفَ رُسُلَهُ وَعْدِه)؟ أُضيفَ
إسم الفاعل (مُخْلِفَ)إلى مفعوله الثاني لأهمية ذِكْر إِخْلاف الوَعد الذي
يَصْدُرُ مِن اللهِ تِجَاه أيّ عبدٍ مِن عبادِه، ومنهم رُسُله وأنبياؤه،
فعندما قال (فلا تَحسبنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعدِهِ) جعله عامّاً ثمَّ خَصَّ
رُسلَهُ لِأنَّهم بِحاجَةٍ إلى نَصْرِهِ وانتِقامِه. لكن لو قال (فلا
تحسبنَّ اللهَ مُخلِفَ رسلَهُ وعدَه) لَأَصبح ذلك مجالاً لِتَنَطُّع
المشركين بأَنّ اللهَ لا يُخْلِفَ رُسُلَهُ الوَعد ولكن يُمكِن أَن يُخلِفَ
غيرَهم وحاشاه ذلك سبحانه وتعالى
.
[/b]



[b]ويقول تعالى (هذا بلاغٌ للنّاسِ
وَلِيُنذَروا بهِ ولِيَعلَموا أنما هو إِلهٌ واحدٌ ولِيّذكَّرَ أولوا
الألباب (52)) نعلم جميعاً أن خاتمة الموضوع تشمل موجزاً لِمَا جاء في
العرض، فهل تحقّقَ ذلك في هذه الآية الكريمة التي خُتِمَت بها سُورة
إبراهيم؟ نعم إِنها بلاغةٌ نادرةٌ وَسَبْكٌ بليغٌ قام على ترتيب عقلي فقد
بدأت الآية بالصفة العامة للكُتب السَّماوية وهي التيليغ ثم ما يَعْقُبُهُ
من إنذارٍ للمخالفين وما يَتْبَعُهُ من العلم بوحدانيةِ الله سبحانهُ
للدلائل التي مرت في ثنايا السورة ثم ما يجب من حصول التّذْكِرَة
والمَوعِظة بمكان لِمَن يَعْقِلُ مِمَّن أَسلَمَ وآمَن.
[/b]



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ferdjioua-51.own0.com
 
قبسات من روائع البيان - سورة الإسراء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
» أضواء البيان للشنقيطي كتاب الكتروني رائع
» أضواء البيان للشيقيطي كتاب الكتروني رائع
» من روائع المنفلوطي
» دايم السيف ( روائع مختارة )

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى فرجيوة للتعليم المتوسط و الثانوي :: الـمنـتــــدى الإســـلامـــي :: القرآن الكريم و علومه-
انتقل الى: